الثلاثاء، 3 يونيو 2014

الضغوط الاستعمارية على المغرب ومحاولات الإصلاح

مقدمة:

خلال القرن 19م، تعرض المغرب لضغوط استعمارية فقام بمحاولات الإصلاح، إذن:
     * فما هي أنواع الضغوط الاستعمارية على المغرب؟ 
     * وما هي الميادين التي همتها الإصلاحات بالمغرب، وعوامل فشل هذه الأخيرة ؟

 أشكال الضغوط الاستعمارية على المغرب خلال القرن 19 م :

   فرضت فرنسا ضغوطا عسكرية واقتصادية ودبلوماسية على المغرب:
*   في المجال العسكري: انهزم الجيش المغربي سنة 1844 أمام الجيش الفرنسي في معركة إيسلي التي تلخصت أسبابها في رغبة فرنسا التوسع انطلاقا من الجزائر على حساب المغرب، ومساندة هذا الأخير للمقاومة المسلحة الجزائرية. أما نتائج هذه المعركة فتمثلت في عقد معاهدة للامغنية سنة 1845 التي تركت الحدود المغربية الجزائرية غامضة جنوب مركز ثنية الساسي (ناحية فكيك). واستغلت فرنسا هذا الغموض لتحتل في أواخر القرن 19 أجزاء من الصحراء المغربية الشرقية. 
*   في المجال الاقتصادي: حصلت فرنسا على امتيازات تجارية بمقتضى الاتفاقية الفرنسية المغربية لسنة 1863. 
*   في المجال الدبلوماسي: بسطت فرنسا الحماية القنصلية على عملائها من المغاربة (المحميون).
   ركزت بريطانيا على الامتيازات الاقتصادية والدبلوماسية:
أقنع المندوب الإنجليزي دراموند هاي المغرب بضرورة التخلي عن سياسة الاحتراز (العزلة)، وبالتالي تم سنة 1856 التوقيع على الاتفاقية التجارية المغربية الانجليزية التي منحت للإنجليز عدة امتيازات من بينها حق الاستقرار بالمغرب ومزاولة التجارة وامتلاك العقارات، والتزام المغرب بإلغاء القيود الجمركية المفروضة على الصادرات والواردات المعروفة باسم الكونطرادات. بموجب نفس الاتفاقية منحت بريطانيا الحماية القنصلية لوسطائها التجاريين المغاربة.
   مارست إسبانيا ضغوطا عسكرية واقتصادية ودبلوماسية على المغرب:
    +    حاولت إسبانيا توسيع نفوذها في ضواحي سبتة المحتلة، فأعلنت سنة 1859 الحرب على المغرب وانتهت هذه الحرب بانهزام الجيش المغربي واحتلال تطوان سنة 1860. 
   +   عقدت في نفس السنة معاهدة الصلح بين الطرفين التي تضمنت شروطا قاسية منها توسيع حدود سبتة، وتنازل المغرب لاسبانيا عن مركز ساحلي في الجنوب، وأداؤه غرامة مالية باهظة استنزفت خزينة الدولة وفرضت على المغرب اقتسام مداخيله من الرسوم الجمركية مع إسبانيا.
    +   في سنة 1861 وقع المغرب معاهدة مع إسبانيا أتاحت لهذه الأخيرة فرض الحماية القنصلية كما هو الشأن بالنسبة لفرنسا وبريطانيا.
أكد مؤتمر مدريد الحماية القنصلية والامتيازات الأجنبية بالمغرب :
انعقد مؤتمر مدريد سنة 1880 بحضور ممثلي الدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية والمغرب وقد خرج هذا المؤتمر بقرارات من أهمها تأكيد الحماية القنصلية، ومنح المحميين امتيازات منها عدم الخضوع للقانون المغربي وبالتالي عدم أداء الضرائب الرسوم الجمركية والغرامات والخدمة العسكرية. وكرس هذا المؤتمر الامتيازات التي حصل عليها الأوربيون في الاتفاقيات السابقة.
1- خلفت الضغوط الاستعمارية عدة نتائج منها:
*   تزايد عدد المحميين، والمس بسيادة المغرب، وانخفاض مدا خيل الدولة المغربية وتراكم ديونها. 
*   تغلغل رأس المال الأوروبي، وإفلاس التجار والحرفيين المغاربة.

محاولات الإصلاح بالمغرب خلال القرن 19 وعوامل فشلها:

    تمت جل الإصلاحات في عهد السلطانين محمد بن عبد الرحمان (1859- 1873) والحسن الأول (1873 – 1894)، ويمكن تحديدها على الشكل الآتي:
    *   إصلاحات عسكرية: أرسلت أرسلت الدولة المغربية بعثات طلابية إلى أوربا لمتابعة التكوين العسكري، واستقدمت أطرا أوربية لتدريب الجيش المغربي، وعملت على شراء الأسلحة الحديثة وتشييد مصنعين للأسلحة ( فاس ومراكش)، وإنشاء الأسطول الحربي لحماية السواحل. 
    *  إصلاحات إدارية: تم تحديد مهمة الصدر الأعظم، وإحداث وزارات جديدة (كوزارة الدفاع والخارجية) والقيادات الصغرى. 
    *  إصلاحات اقتصادية: تمثلت في إدخال مزروعات جديدة كالقطن وقصب السكر، وخلق بعض الصناعات الحديثة كالنسيج والسكر والورق، وترميم الموانئ وتجهيزها، واستخراج الفحم الحجري .
    *   إصلاحات مالية: عينت الدولة أمناء (رؤساء الجمارك) في المراسي وخصصت لهم أجورا وفرضت عليهم المراقبة لمحاربة الاختلاس والرشوة. في نفس الوقت أحدثت الدولة إدارة مركزية يرأسها وزير المالية "مول الشكارة"، وإدارة محلية تشمل أمناء القبائل والمراسي و"المستفاد" (مدا خيل التجارة والأملاك المخزنية). 
    *  إصلاحات جبائية: فرضت الدولة ضرائب متعددة منها مكوس الأبواب والحافر والأسواق، قبل أن تفرض ضريبة الترتيب. 
    *   إصلاحات نقدية: قبلت الدولة المغربية تداول العملات الفرنسية والاسبانية داخل البلد، ورفعت من قيمة العملة الوطنية وحاربت تزويرها أو تهريبها. كما أنشأت دار السكة، وعملت على ضبط صرف العملات. 
    *  إصلاح التعليم: أسست الدولة المغربية مدرسة عصرية لتلقي العلوم الحديثة وخصصت منحا ومكافآت للطلبة المتفوقين، وأرسلت بعثات طلابية إلى أوربا.
آلت هذه الإصلاحات إلى الفشل بفعل نوعين من العوامل:
* عوامل خارجية: تمثلت في الضغوط الاستعمارية التي أضعفت الدولة المغربية اقتصاديا وماليا وسياسيا وعسكريا. 
* عوامل داخلية: من أبرزها تزايد عدد المحميين، ومعارضة زعماء القبائل والزوايا والفقهاء لهذه الإصلاحات التي تضر بمصالحهم وبالتالي قيام بعض الثورات. بالإضافة حدوث بعض الكوارث الطبيعية.

خاتمة:

بفشل هذه الإصلاحات تزايدت الضغوط الاستعمارية. فكانت النتيجة فرض الحماية الأجنبية على المغرب ابتداء من سنة 1912.

0 commentaires :

إرسال تعليق