الثلاثاء، 27 مايو 2014

الدرس الثاني: الثورة الروسية وأزمات الديمقراطيات الليبرالية

 
 لينين: زعيم الثورة البلشفية
التقديم الإشكالي:
شهدت روسيا القيصرية خلال سنة 1917م ثورة للطبقات المقهورة في المجتمع الروسي، الشيء الذي أفرز وضعا سياسيا واقتصاديا جديدا داخل روسيا، كما أفرزت الحرب العالمية الأولى وضعا متأزما بأوربا أدى إلى بروز أنظمة سياسية جديدة معتمدة على الحكم الفردي المطلق، اذن:
*  ما هي أسباب ومظاهر الثورة البلشيفية ؟
*  ما ابرز مظاهر الأزمات بالدول الديمقراطية الأوروبية؟
أسباب ومراحل الثورة الروسية:
تعددت أسباب الثورة الروسية:
أ - أسباب اجتماعية واقتصادية:
تدهورت الأوضاع في البوادي التي كانت الفلاحة التقليدية هي النشاط الرئيسي بها، ولم يكن المنتوج الفلاحي يغطي حاجيات السكان مما كان يؤدي على ندرة المواد الغذائية وانتشار المجاعة، أما الصناعة فارتبطت بالاستثمارات الأجنبية المحدودة ببعض المدن، حيث كان المجتمع الروسي يعرف تفاوتا طبقيا واضحا بين النبلاء والكولاك ورجال الدين المستغِلين لطبقة الموجيك بالبوادي وبين البورجوازية والطبقة العاملة بالمدن.
ب - أسباب سياسية:
ضعفت سلطة القيصر الذي كان يستبد بالحكم اعتمادا على الإقطاع والجيش ورجال الدين المحتكرين للمناصب السياسية في إطار "مجلس الدوما"، فظهرت معارضة بورجوازية تتشكل من الحزب الدستوري الديمقراطي ومعارضة اشتراكية برز فيها جناح ثوري بزعامة لينين (البلاشفة).
ج - أسباب عسكرية:
أدى انهزام روسيا في الحرب العالمية الأولى التي دخلتها دون استعداد كاف، وفداحة الخسائر البشرية والمادية إلى انخفاض الإنتاج الفلاحي وانتشار المجاعة، فكثرت الاحتجاجات والإضرابات وهكذا بدأت الثورة ...
مرت الثورة الروسية بمرحلتين:
أ - ثورة فبراير 1917:
قامت عدة مظاهرات شعبية بالعاصمة الروسية بتروغراد انضم إليها الجيش، فاضطر القيصر نيقولا الثاني للتنازل عن العرش، فتشكلت حكومة مؤقتة بقيادة كيرنسكي استمرت في الحرب العالمية وسنت برنامجا إصلاحيا عارضته مختلف الفئات الشعبية بقيادة مجالس السوفييت.
ب - ثورة أكتوبر 1917:
لم تستجب الحكومة المؤقتة لمطالب الفئات الشعبية، فاستغل لينين أخطاءها ليعلن قيام الثورة البولشفية الاشتراكية والإطاحة بالنظام البورجوازي.
مشاكل الثورة وخطوات إرساء النظام الاشتراكي:
واجهت الثورة عدة صعوبات:
اتخذ لينين عدة إجراءات استعجالية كالانسحاب من الحرب العالمية الأولى وتوزيع الأراضي على صغار الفلاحين وتأميم المؤسسات الصناعية ومنح الشعوب حرية تقرير المصير.
واجهت الثورة عدة مشاكل كالحرب الأهلية التي جاءت كرد فعل من البورجوازية وكبار الملاكين ضد تجريدهم من ممتلكاتهم، فشكلوا الجيش الأبيض الذي تلقى الدعم من القوى  الرأسمالية التي قدمت له الدعم واحتلت بعض المناطق الحدودية.
واجه الجيش الأحمر بقيادة تروتسكي الثورة المضادة واستطاع القضاء عليها، كما طبق لينين شيوعية الحرب (1918-1921) ليساهم الجميع في تكاليف الحرب الأهلية بإلزام الفلاحين بتقديم فائض الإنتاج للدولة ومنع التجارة الحرة وإعلان الحزب الشيوعي حزبا وحيدا بالبلاد
خلفت الحرب الأهلية مشاكل كثيرة عانى منها المجتمع الروسي، وللتخفيف منها سن البلاشفة سياسة اقتصادية جديدة (NEP) (1921-1928) التي عملت على التخفيف من الإجراءات الاشتراكية وتطبيق أساليب رأسمالية تسمح بالتجارة الحرة والملكية الخاصة للمقاولات الصغرى والترخيص للاستثمارات الأجنبية، مما أدى إلى انتعاش الاقتصاد وتحسن المستوى الاجتماعي.



         ترسيخ النظام الاشتراكي:
بوفاة لينين (1924)، ظهر خلاف ما بين تروتسكي وستالين الذي استطاع حسم الصراع لصالحه (1928) بعد هروب تروتسكي للمكسيك ومقتله هناك، فاحتكر ستالين السلطة بعد القضاء على كل معارضيه.
لترسيخ النظام الاشتراكي نهج لينين سياسة التخطيط بعد احتكار الدولة لكل القطاعات الاقتصادية، وتضمنت سياسته وضع تصاميم خماسية تهدف إلى ترسيخ النظام الاشتراكي بتأميم الصناعة والتجارة وإنشاء التعاونيات الفلاحية (الكولخوزات والسوفخوات) وإعطاء الأولوية للصناعة الثقيلة وتنمية شبكة المواصلات وتحرير البلاد من بقايا الإقطاع والرأسمالية.
أدت سياسة التخطيط الاشتراكي إلى تحولات اقتصادية واجتماعية مهمة واحتلال الاتحاد السوفياتي صفوف الدول القوية.
أزمات الديمقراطيات الليبرالية بين الحربين – إيطاليا وفرنسا كنموذج:
عرفت الديمقراطيات الليبرالية بأوربا الغربية بعد الحرب العالمية الأولى أزمات عامة تجلت في انعدام الاستقرار الحكومي واشتداد التطرف السياسي، ومشاكل اقتصادية واجتماعية، بفعل ارتفاع الأسعار وانتشار البطالة التي أنتجت حركات احتجاجية من طرف المنظمات العمالية.
أدت مخلفات الحرب العالمية الأولى إلى قيام النظام الفاشي بإيطاليا:
خلفت الحرب العالمية الأولى عدة مشاكل بإيطاليا، فمن الناحية الاقتصادية تراجع الإنتاج الفلاحي وارتفعت الأسعار وسُجل خصاص في مصادر الطاقة، فتدهورت الأوضاع الاجتماعية بانتشار البطالة وانخفاض القدرة الشرائية للمواطنين، مما أدى إلى تزايد الاحتجاجات والإضرابات المصحوبة بالعنف.
أدت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية بإيطاليا إلى ضعف السلطة الحاكمة وصراع الأحزاب على الحكم، مما ولد التطرف السياسي على يد الحركة الفاشية التي وصلت للحكم بواسطة العنف والقمع والتحالف مع الإقطاع والبورجوازية حيث أسس موسيليني الحزب الفاشي الذي أقام نظاما ديكتاتوريا توسعيا سنة 1922.
قام النظام الفاشي بإيطاليا سنة 1922:
بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، أسس موسوليني Mussolini الحزب الفاشي الذي اتبع أسلوب العنف من أجل إضعاف خصومه الاشتراكيين، وإسقاط الحكومة الديمقراطية في أكتوبر 1922 وإقامة نظام فاشي (ديكتاتوري داخليا وتوسعي خارجيا).
شهدت فرنسا عدة مشاكل في فترة مابين الحربين:
عاشت فرنسا خلال فترة بين الحربين أزمة مالية خانقة بفعل تضرر الاقتصاد الوطني وعجز الميزان التجاري وغزو السلع الأجنبية للسوق المحلي، مما خلق مشاكل اجتماعية بعد انتشار البطالة وتنامي موجة الاحتجاجات أدت هذه الأزمات إلى عدم الاستقرار السياسي وتنامي التطرف وتعاقب عدة حكومات خلال فترة وجيزة.
خاتمة:
أدت الحرب العالمية الأولى إلى ظهور أول نظام اشتراكي بالعالم بالاتحاد السوفياتي، كما تعرضت الديمقراطيات الغربية لأزمات سياسية واقتصادية أثرت في تطورها السياسي.


0 commentaires :

إرسال تعليق