الثلاثاء، 27 مايو 2014

الدرس الخامس :المغرب تحت نظام الحماية


المقاوم الكبير : محمد بن عبد الكريم الخطابي:ولد محمد بن عبد الكريم الخطابي سنة (1299هـ= 1881م) في بلدة "أجدير" قرب الحسيمة المغربية،













التقديم الإشكالي:
واجهت المغرب في العقد الأول من القرن العشرين 1912 – 1900م مجموعة من الأزمات ساهمت فيها عوامل داخلية وأخرى خارجية في عهدي السلطانين المولى عبد العزيز والمولى عبد الحفيظ، انتهت بسقوطه تحت الحماية الفرنسية والأسبانيةسنة 1912م.
v    فما هو السياق العام الذي فرضت فيه الحماية على المغرب؟
v    وما هي أجهزة ومؤسسات نظام الحماية؟
v    وما هو رد فعل المغاربة تجاه هذا النظام؟
مفهوم نظام الحماية، وظروف فرضها على المغرب:
مفهوم نظام الحماية:
الحماية نظام استعماري فرض على المغرب خلال الفترة الممتدة بين 1912 و1956، بعد أن فرضت عليه فرنسا معاهدة فاس في 30 مارس 1912 التي قسمت التراب المغربي إلى ثلاث مجالات استعمارية:
1.     منطقة النفوذ الفرنسي بالوسط
2.     منطقة طنجة الدولية.
3.     منطقة النفوذ الاسباني في الشمال وفي الجنوب بالصحراء المغربية.
الظروف التي فرضت فيها الحماية على المغرب:
أ - العوامل الخارجية التي ساهمت في فرض نظام الحماية على المغرب:
تمثلت هذه العوامل في اشتداد التنافس الاستعماري الأوروبي حول المغرب، وقد حسمت فرنسا هذا التنافس عبر اتفاقيات ثنائية انفردت بموجبها بالمغرب، حيث تنازلت في سنة 1902 لايطاليا عن ليبيا مقابل المغرب، ثم تنازلت لبريطانيا عن مصر سنة 1904، كما حصلت على امتيازات متعددة في المغرب بموجب مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1906، وفي سنة 1911 تنازلت لألمانيا عن الكونغو، وفي 27 نونبر 1912اتفقت مع اسبانيا حول تحديد مناطق احتلالها.
ب - العوامل الداخلية التي ساهمت في فرض نظام الحماية على المغرب:
 *أزمة اقتصادية ومالية داخلية: تمثلت في فشل المخزن المغربي في فرض ضريبة الترتيب سنة 1902، ولجوئه إلى الاقتراض المكثف من الدول الأوربية وخاصة فرنسا.
 *أزمة سياسية خانقة: تجلت في اندلاع تمرد الجيلالي بن إدريس الزرهوني – بوحمارة – ما بين 1902-1909،وعزل السلطان المولى عبد العزيز وبيعة المولى عبد الحفيظ سنة 1909، وقد استغلت القوى الاستعمارية هذا الوضع السياسي المضطرب، حيث احتلت فرنسا وجدة والدار البيضاء سنة 1907، ثم احتلت اسبانيا العرائش والقصر الكبير سنة 1911.
بنود عقد الحماية التي فرضت على المغرب بفاس يوم 30 مارس 1912م:
وقع السلطان مولاي عبد الحفيظ والسفير الفرنسي رينوRegnault عقد الحماية بمدينة فاس يوم 30 مارس 1912، وقد اتفق الطرفين على ما يلي:
 *تأسيس نظام جديد تنجز بوجبه فرنسا الإصلاحات النافعة للمغاربة.
 *حراسة فرنسا للتراب المغربي برا وبحرا.
 *تعهد فرنسا بحماية امن وسلامة ومهام السلطان.
 *إشراك السلطان وولاته في الأقاليم في تنفيذ نظام الحماية.
 *تعيين فرنسا مقيما عاما لها في المغرب وتمتيعه بصلاحيات عامة.
 *رعاية فرنسا لشؤون المغرب وجالياته في الخارج.
 *إشراف فرنسا على طلبات المغرب للقروض.
 *قيام فرنسا بالتفاوض مع اسبانيا.
 *الإبقاء على طنجة كمنطقة دولية.





التقسيم الترابي للمغرب بعد سنة 1912، وأهم أجهزة نظام الحماية:
التقسيم الترابي للمغرب في عهد الحماية:
قسم المغرب إلى ثلاث مجالات أساسية:
1.     المنطقة الدولية بطنجة.
2.     منطقة الحماية الاسبانية بالشمال- جبالة،غمارة، الريف، وبالجنوب المغربي الساقية الحمراء ووادي الذهب-
3.     منطقة الحماية الفرنسية بوسط البلاد الذي تم تقسيمه إلى جهات مدنية، وجدة والرباط الدار البيضاء، وجهات عسكرية، فاس - مكناس - مراكش واكادير.
الأجهزة الإدارية لنظام للحماية ووظائفها:
أ - الأجهزة الإدارية للحماية الفرنسية:
توزعت بين إدارة مركزية وإقليمية ومحلية: فعلى رأس إدارة الحماية المقيم العام الإقامة العامة (اليوطي أول مقيم عام 1912-1925) يمثل الجمهورية الفرنسية بالمغرب يسير المصالح الإدارية والعسكرية، ويسن القوانين، ويصادق عليها، وبذلك كان له مطلق الصلاحيات، يساعده كاتب عام يشرف على جميع الإدارات، إضافة إلى المديرين الذين يتولون رئاسة المديريات التقنية كالصحة، التعليم، الفلاحة، الصناعة، البريد ...، والمديريا ت السياسية منها الداخلية تراقب السلط جهويا ومحليا، والأمنية تراقب أفكار المغاربة وتقمع المعارضين، ثم مديرية الشؤون الشريفة تراقب وظائف المخزن وتقدم القرارات للسلطان والصدر الأعظم، وسيرت الإدارة الإقليمية من طرف مراقبون: مدنيون بالرباط والبيضاء ووجدة، وضباط الشؤون الأهلية بالمناطق العسكرية المضطربة كفاس ومكناس ومراكش واكادير، أما الإدارة المغربية مركزيا فعلى رأسها السلطان (يمثل السلطتين السياسية والدينية) يساعده الصدر الأعظم ووزارتي العدل والأوقاف، أما محليا يمثل الإدارة المغربية الباشوات في المدن وبالبوادي كان هناك القائد، الشيخ والمقدم، يخضعون للإدارة الفرنسية المدنية والعسكرية.
ب - الأجهزة الإدارية للحماية الاسبانية:
تميزت بازدواجية الإدارة مثل الإدارة بالمنطقة الفرنسية بين الإدارة الاستعمارية والإدارة المخزنية المغربية (شكلية) مركزيا ومحليا، فمركزيا على رأس إدارة الحماية مندوب سامي يمثل الدولة الاسبانية بالمغرب يسير منطقة الاحتلال ويستعين بمجموعة من الأجهزة الإدارية في شكل نيابات (الأمور الأهلية – التعليم – الصناعة – الفلاحة – الصحة – المالية ...)، أما محليا فعينت اسبانيا على المدن قناصل وعلى البوادي ضباط عسكريين.
ج - الإدارة المغربية:
مركزيا يمثلها خليفة السلطان له صلاحيات شكلية كإصدار الظهائر ويتولى إدارة العدل والأوقاف، محليا يمثلها الباشوات بالمدن والقواد والشيوخ والمقدمون بالبوادي ينوبون عن الخليفة لكنهم كانوا تحت مراقبة ضباط الجيش الاسباني.
 د - الأجهزة الإدارية في منطقة طنجة الدولية:
تمثلت الأجهزة الدولية في السلطة التشريعية المشكلة من مجلس تشريعي الذي يتكون من 9 أعضاء مغاربة و18 أجنبيا، ولجنة المراقبة ممثلة في قناصل الدول الموقعة على مؤتمر الجزيرة الخضراء، وتكلفت باتخاذ القرارات الاقتصادية ومراقبة احترام النظام الدولي + السلطة التنفيذية المكونة من حاكم المدينة ونواب المجلس التشريعي، كان يعين الموظفين الكبار وينفذ قرارات السلطة التشريعية، ويحافظ على الأمن العام + السلطة القضائية وتشكلت من 7 قضاة الدول الموقعة على مؤتمر الجزيرة الخضراء وكانت تفصل في النزاعات الجنائية والتجارية بالمدينة، بينما تشكلت الأجهزة المخزنية من مندوبية السلطان المكونة من مندوب السلطان والقاضي وموظفو الاحباس، وكانت تحرص على شؤون المغاربة وتلزمهم باحترام النظام الدولي.
نماذج المقاومة المسلحة، ودورها في مواجهة نظام الحماية الاستعماري:
مظاهر المقاومة المسلحة المغربية للاحتلال الفرنسي:
 *معركة فاس: انتفض سكان مدينة فاس ضد التواجد الفرنسي مباشرة بعد توقيع عقد الحماية وذلك في 20 ابريل 1912م، ثم هبت القبائل المجاورة لتحرير المدينة بقيادة محمد الحجامي وقد صمد المغاربة طيلة شهري ماي ويونيو 1912م ضد الجيش الفرنسي الذي انتصر بسبب تفوقه العسكري.
 *معركة سيدي بوعثمان: انطلقت المقاومة الجنوبية من الصحراء المغربية بزعامة احمد الهيبة ابن الشيخ ماء العينين، وأخوه مربيه ربه، وتصدت هذه المقاومة للجيش الفرنسي في شمال مراكش، وبسبب اختلاف موازين القوة انهزم المغاربة في معركة سيدي بوعثمان يوم 06 شتنبر 1912م، وبعدها عاد المجاهدون لمواصلة المقاومة بالجنوب المغربي إلى غاية وفاة مربيه ربه سنة 1934م.
 *معركة الهري: قاد موحا اوحمو الزياني قبائل زيان بخنيفرة بالأطلس المتوسط، واستطاعوا بفضل شجاعتهم وخططهم الحربية الانتصار الساحق على الفرنسيين حيث قتل واسر كبار قادة الجيش الفرنسي في معركة الهري يوم 13 نونبر 1913م.
 *معركة مسكي الرجل: تزعم المجاهد الشريف المحمدي العلوي قبائل تافيلالت بالجنوب الشرقي للمغرب لمقاومة الاحتلال الفرنسي، وقد صمد المقاومون في جبهات المعركة حيث اضطروا إلى ربط أرجلهم ببعضهم بالحبال للثبات في مواقعهم، وأداروا معركة طاحنة ضد الجيش الفرنسي بمنطقة مسكي قرب الريصاني سنة 1919م انتهت باستشهادهم.
 *معركة القوس: ترأس المجاهد با علي المقاومة المسلحة بالجنوب الغربي لمنطقة تافيلالت، ضد القوات الفرنسية وعملائها من المغاربة (جيش الكلاوي)،انتهت بانهزام المقاومة في معركة القوس التي امتدت من يوم 31 يوليوز إلى 3 غشت 1920م.
 *معركة بوكافر: قاد المجاهد عسو اوبسلام قبائل ايت عطا بالأطلس الكبير، ورغم استعمال الجيش الفرنسي للطائرات والمدافع والقنابل، فان المقاومين صمدوا في معركة القوس من 12 فبراير إلى 24 مارس 1933، ولم يستسلموا إلا بعد أن استنفدوا أسلحتهم مقابل شروط قدمها عسو اوبسلام للفرنسيين.
مظاهر المقاومة المسلحة المغربية للاحتلال الاسباني:
 *تزعم محمد بن عبد الكريم الخطابي المقاومة المسلحة الريفية التي حققت نصرا كبيرا في معركة أنوال يوم 21 يوليوز 1921 ضد الاحتلال الاسباني بالشمال المغربي، وبعد هذه المعركة تحالفت اسبانيا مع فرنسا، وشنتا حربا عسكرية استعملت فيها الغازات الكيماوية، واستسلم محمد بن عبد الكريم الخطابي يوم 27 ماي 1926.
 *قاد احمد أخريرو مقاومة قبائل جبالة بالشمال الغربي من المغرب ضد الاحتلال الاسباني إلى أن استشهد يوم 3 نونبر 1926.
مظاهر صمود المقاومة المسلحة واستماتتها في مواجهة الاحتلالين الفرنسي – الاسباني:
تطلب احتلال المغرب عسكريا من طرف سلطات الحماية 22 سنة من العمل العسكري (1912 إلى 1934) وذلك بفضل قوة المقاومة المسلحة المغربية وحسن تنظيمها رغم استعمالها لوسائل وأسلحة تقليدية بسيطة وأسلحة الغنائم العسكرية من المعارك كما هو الشأن في معركة الهري وأنوال مقارنة مع التفوق العسكري للمحتل المكون من جيش نظامي مجهز بأسلحة متطورة نارية ودبابات وطائرات، إضافة إلى ارتفاع الروح القتالية للقبائل والتفافها حول زعماء المقاومة، وهو ما حاولت فرنسا ضربه بخلق التفرقة حيث لجأت إلى سياسة فرق تسد بين مكونات المجتمع المغربي من امازيغ وعرب بإصدارها للظهير البربري سنة 1930، إلا أن المغاربة أفشلوه وزاد من شعورهم الوطني المغربي.
وبنهاية المقاومة المسلحة سنة 1934 دخلت المقاومة المغربية مرحلة المقاومة السياسة إلى جانب العمل المسلح بقيادة الأحزاب السياسة انظر الوحدة 4 من المجزوءة الثانية.
خاتمة:
بتوقف المقاومة المسلحة في ثلاثينات القرن العشرين، انطلقت الحركة الوطنية المغربية في إطار المقاومة السياسية.


0 commentaires :

إرسال تعليق